بتسميته نجله الأمير «محمد» وليا للعهد في سن الـ 31، فتح العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبد العزيز» الباب أمام جيل جديد من أسرة آل سعود لتولي مقاليد الحكم في المملكة الغنية بالنفط، والتي تواجه سلسلة تحديات.

وتولى الملك «سلمان» (81 عاماً) منصبه في 23 يناير/ كانون الثاني 2015، قبل شهرين من دخول السعودية حرب اليمن المجاور على رأس تحالف عربي، وفي وقت كانت المملكة بدأت تعتمد سياسة تقشف لمواجهة تراجع أسعار النفط.

إضافة إلى ذلك، وإلى خطر التعرض لهجمات من تنظيمات متطرفة، طغت في الأسبوعين الأخيرين على السياسة الإقليمية للمملكة أزمة دبلوماسية بين الرياض والدوحة المتهمة بدعم الإرهاب وتمويله، بدأت مع قطع السعودية ودولة الإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر.

ولم يتردد الملك، مدعوماً من نجله الأمير النافذ في دخول النزاع اليمني في مواجهة الحوثيين الشيعة المتهمين بتلقي دعم من إيران، الخصم اللدود للسعودية في المنطقة، وفي الانخراط في مواجهة دبلوماسية اقتصادية مع قطر الغنية بالغاز.

وفي مقابل الصعود السريع للأمير «محمد»، خسر ولي العهد الأمير «محمد بن نايف منصبه، بعدما خسره أيضاً قبله الأمير مقرن.

وبفتحه الباب أمام الأمير «محمد» ليصبح ملكاً في سن صغير، يكون الملك سلمان قد اتخذ قرار جريئاً ينهي من خلاله حكم أبناء الملك «عبد العزيز»، مؤسس المملكة، ويدفع بالجيل الثاني نحو أبواب الحكم.

دور الحكم

وفي مواجهة طموحات إيران التي تتمتع بنفوذ كبير في لبنان والعراق وسوريا، شكل الملك «سلمان» تحالفاً عسكرياً عربياً وأطلق في 26 مارس /آذار 2015 حملة عسكرية في اليمن لمنع الحوثيين من السيطرة على كامل البلاد. وفي العام الثالث للنزاع، لا يزال الحوثيون يسيطرون على مناطق واسعة.

ويتمتع الملك «سلمان» الذي تعرضت حكومته في 2015 لانتقادات شديدة على خلفية مقتل أكثر من ألفي شخص في حادثة تدافع خلال موسم الحج، بسنوات طويلة من الخبرة في العمل السياسي.

وفي عام 1955، تم تعيين الملك المولود في 23 يناير /كانون الأول 1935 أميرا لمنطقة الرياض، إلا أنه استقال عام 1960 قبل إعادة تعيينه عام 1963. وبعيد اختياره وليا للعهد، تسلم أيضا وزارة الدفاع.

وأشرف الملك «سلمان» على الهيئة العليا لتطوير الرياض التي أصبح عدد سكانها 5.6 ملايين نسمة، كما اتسعت مساحتها لتصل إلى ما لا يقل عن 10 آلاف كلم مربع مع الضواحي. وتولى رئاسة لجان تعنى بالصحة ومؤسسات تهتم بالتعليم الجامعي.

ويعتبر الملك «سلمان» الحكم بين أشقائه وإخوته، وباني الرياض الحديثة.

وتجمع مختلف الأوساط على أنه حكم ومرجع في العلاقات بين أشقائه السبعة من والدته الاميرة حصة السديري، وأبرزهم الراحلان الملك فهد والأميران سلطان ونايف.

وإلى جانب الملك «سلمان»، ما زال 9 أبناء آخرين لمؤسس المملكة على قيد الحياة، عميدهم الأمير بندر بن عبد العزيز في سن 94 وأصغرهم سناً الأمير مقرن البالغ 72 عاماً.

ويعاني الملك من انزلاق غضروفي في العمود الفقري وخضع لعملية جراحية في ظهره في الخارج في يونيو /حزيران2010.

والملك «سلمان» هو الابن الخامس والعشرون للملك عبد العزيز، وتزوج ثلاث مرات ولديه عشرة أبناء على قيد الحياة، بينهم الأمير محمد الذي عين ولياً للعهد، والأمير عبد العزيز وكيل وزير الطاقة، والأمير سلطان رائد الفضاء السابق، والأمير خالد السفير في واشنطن.

وعلى غرار الملوك الخمسة من قبله، ينتمي الملك سلمان إلى عائلة الملك عبد العزيز مؤسس أسرة آل سعود التي تحمل المملكة اسمها.

جذور العائلة المالكة

وتعود جذور العائلة المالكة الى القرن الثامن عشر، عندما قرر في 1745 «محمد بن سعود، نجل الشيخ النافذ في المنطقة الوسطى من شبه الجزيرة العربية سعود بن محمد، تعزيز سلطته بالتحالف مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب الداعي لتطبيق التعاليم الأساسية للإسلام.

في 1818 هزم العثمانيون أحفاد محمد بن سعود. لكن بعد ست سنوات، استعادت أسرة آل سعود السيطرة على منطقة الرياض، قبل أن تبدأ صراعات عائلية على تراتبية العرش في السنوات التي تلت.

في 1902 طرد عبد العزيز بن سعود أسرة آل رشيد المنافسة من الرياض وبدأ تعزيز سلطته تدريجياً عبر توحيد شبه الجزيرة.

وبسط في 1913 سيطرته على طول ساحل الخليج، ثم في 1925 على مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة قرب البحر الاحمر.

في عام 1932 أعلن عن تأسيس المملكة العربية السعودية وعن توليه عرشها.

سعى عبد العزيز بن سعود إلى ترسيخ سلطته عبر الاقتران ببنات أعيان أسر نافذة، ورزق بالإجمال بـ45 ابناً. وتعد العائلة الحاكمة اليوم حوالي 25 ألف عضو بينهم 200 أمير نافذ.

العام الآخر الذي طبع تاريخ السعودية هو 1938، تاريخ اكتشاف النفط في المملكة التي أصبحت لاحقا أحدى أكثر الدول ثراء بمخزونها الثاني منه على مستوى العالم.

مع وفاة الملك «عبد العزيز» في 9 نوفمبر /تشرين الثاني 1953 خلفه نجله سعود الذي عين سابقاً وليا للعهد. وفي 1964 أطيح بحكم الملك سعود بعد اتهامات بسوء الإدارة والفساد وحل محله أخوه غير الشقيق وولي العهد فيصل.

يعتبر الملك «فيصل مهندس سياسة تحديث المملكة. وفي مارس /آذار 1975 تعرض للاغتيال على يد ابن شقيقه الذي قدم على أنه يعاني من مشاكل نفسية.

آنذاك تولى العرش أخو الملك «فيصل » غير الشقيق خالد وحكم حتى وفاته في 1982. ثم تولى ولي العهد فهد العرش قبل أن يخلفه عبد الله، الأصغر منه سناً بعامين، في 2005، حتى وفاته في يناير/كانون الثاني2015 وانتقال الحكم إلى سلمان.